يقول المتخصصون بالسلوك الإجرامي، إن هناك نمطين لإلحاق الأذية بالآخرين؛ الأول: العنف المادي المباشر، وهذا واضح أنه وإن بدر من فرد بالأسرة فهو أذية متعمدة وشر وقع على الضحية، لكن الطريقة الأكثر شيوعا لإلحاق الأذية ماديا ومعنويا تتم بشكل غير مباشر عبر التلاعب والتحايل والخداع والتزييف والكذب والتدليس والابتزاز العاطفي والاستدراج النفسي والعقلي والسلوكي لغاية تلبيس النوايا والأفعال السيئة بلباس مقبول يخفي حقيقتها، وعادة لا تعي الضحية أنها تعرضت للأذية إلا بعد فوات الأوان، وعادة ما يتم إلقاء اللوم على الضحية لأنه لا يبدو أن الجاني غصبها على ما أجرمه بحقها إنما هي نفسها طاوعته، وهذه نقطة حساسة خاصة بقضايا الوكالة والاغتصاب؛ فمع تزايد دخول رأي علماء النفس للمحاكم انتشر الوعي بأن الانخداع الأولي بحيل وتلاعب المجرم لا يعني الموافقة على الجريمة التي وقعت لاحقا منه، ومن أوجه التلاعب الإجرامي بالآخرين بخاصة في العلاقات القريبة السامة والتي يريد فيها شخص تدمير آخر بدائرته ما يسمى «Gaslighting-التنوير الغازي»، والمصطلح مستمد من مسرحية بريطانية -1938م- أعيد إنتاجها بأفلام ومسلسلات، وتدور حول زوج يقنع زوجته بأنها مجنونة بالتلاعب بالمصابيح الغازية التي كانت وسيلة الإضاءة زمن كتابة المسرحية، حيث يعمد لتخفيض الإضاءة وعندما تطالبه زوجته برفع الإضاءة يدعي أن الإضاءة لم تتغير وأنه يتهيأ لها أمور غير حقيقية ليقنعها بأنها مجنونة ويحجزها بمستشفى الأمراض العقلية ويستولي على أملاكها، وبالواقع هذا التلاعب الخبيث يستخدم على نطاق واسع لدينا ضد النساء لتحطيمهن وإخضاعهن، والاستيلاء على أملاكهن، والتخلص منهن بحجزهن بمستشفى الأمراض العقلية، وللاستمرار بعضل البنات وإفشال رفعهن قضية بالمحكمة، ولحرمانهن حضانة أولادهن، وكانتقام بدور الرعاية، ومن ذلك ادعاء أن الضحية فيها سحر وجن يسبب لها الجنون، ومؤخرا ضج الإعلام بقصة الفاشينيستا والعارضة الكويتية الأشهر، فليغطي زوجها على خياناته جعلها تعتقد أنه يتهيأ لها رؤيتها له يخونها فجعلها تعتقد أنها مجنونة فراجعت طبيبا نفسيا واكتشف تعرضها «للتنوير الغازي» وثبتت خيانات زوجها بنقله المرض الجنسي «فايروس الورم الحليمي» الذي يتطور لسرطان، وقبلها كان تسجيل ممرضة للمقطع الشهير لضرب أهل بفلسطين لابنتهم حتى الموت بالمستشفى، وتبين أن قريبها الذي ضربها حتى الموت أرادها بعلاقة محرمة فرفضت، وخوفا من الفضيحة استغل صفته الدينية وزعم أن فيها جناً تهيئ لها أمورا لم تحدث -أي تحرشه بها- وبحجة ضربها لإخراج الجن قتلها بعد إدخالها مستشفى الأمراض العقلية، وكتب لها المستشفى «خروج» لأنهم لم يجدوا فيها مرضا.